الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **
فإن قال: والله ليفعلن فلان كذا أو لا يفعل أو حلف على حاضر فقال: والله لتفعلن كذا فأحنثه, ولم يفعل فالكفارة على الحالف كذا قال ابن عمر وأهل المدينة, وعطاء وقتادة والأوزاعي, وأهل العراق والشافعي لأن الحالف هو الحانث فكانت الكفارة عليه, كما لو كان هو الفاعل لما يحنثه ولأن سبب الكفارة إما اليمين وإما الحنث, أو هما وأي ذلك قدر فهو موجود في الحالف وإن قال: أسألك بالله لتفعلن وأراد اليمين فهي كالتي قبلها وإن أراد الشفاعة إليه بالله فليس بيمين, ولا كفارة على واحد منهما وإن قال: بالله لتفعلن فهي يمين لأنه أجاب بجواب القسم إلا أن ينوي ما يصرفها وإن قال بالله أفعل فليست يمينا لأنه لم يجبها بجواب القسم, ولذلك لا يصلح أن يقول: والله أفعل ولا: بالله أفعل وإنما صلح ذلك في التاء لأنها لا تختص بالقسم فيدل على أنه سؤال فلا تجب به كفارة وثبت أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بإبرار المقسم رواه البخاري وهذا والله أعلم, على سبيل الندب لا على سبيل الإيجاب بدليل أن أبا بكر قال: أقسمت عليك يا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتخبرني بما أصبت مما أخطأت فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (لا تقسم يا أبا بكر) ولم يخبره ولو وجب عليه إبراره لأخبره ويحتمل أن يجب عليه إبراره إذا لم يكن فيه ضرر, ويكون امتناع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من إبرار أبي بكر لما علم من الضرر فيه وإن أجابه إلى صورة ما أقسم عليه دون معناه عند تعذر المعنى فحسن فإنه روي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن العباس جاءه برجل ليبايعه على الهجرة فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ (لا هجرة بعد الفتح) وقال العباس: أقسمت عليك يا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتبايعنه فوضع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يده في يده, وقال: (أبررت قسم عمي ولا هجرة) وأجابه إلى صورة المبايعة دون ما قصد بيمينه. ويستحب إجابة من سأل بالله لما روى ابن عمر, قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه ومن استجار بالله فأجيروه, ومن أتى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه) وعن أبى ذر, قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (ثلاثة يحبهم الله وثلاثة يبغضهم الله أما الذين يحبهم الله فرجل سأل قوما فسألهم بالله, ولم يسألهم بقرابة بينه وبينهم فتخلف رجل بأعقابهم فأعطاه سرا, لا يعلم بعطيته إلا الله ـ عز وجل ـ والذي أعطاه وقوم ساروا ليلتهم حتى إذا كان النوم أحب إليهم مما يعدل به فوضعوا رءوسهم, فقام يتملقني ويتلو آياتي ورجل كان في سرية فلقوا العدو فهزموا, فأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له والثلاثة الذين يبغضهم الله الشيخ الزاني والفقير المختال, والغني الظلوم) رواهما النسائي. إذا قال: حلفت ولم يكن حلف فقال أحمد: هي كذبة ليس عليه يمين وعنه: عليه الكفارة لأنه أقر على نفسه والأول هو المذهب, لأنه حكم فيما بينه وبين الله ـ تعالى فإذا كذب في الخبر به لم يلزمه حكمه, كما لو قال: ما صليت وقد صلى ولو قال: على يمين ونوى الخبر فهي كالتي قبلها وإن نوى القسم, فقال أبو الخطاب: هي يمين وهو قول أصحاب الرأي وقال الشافعي: ليس بيمين لأنه لم يأت باسم الله ـ تعالى ـ المعظم ولا صفته فلم يكن يمينا, كما لو قال: حلفت وهذا أصح إن شاء الله فإن هذه ليست صيغة اليمين والقسم وإنما هي صيغة الخبر, فلا يكون بها حالفا وإن قدر ثبوت حكمها لزمه أقل ما يتناوله الاسم, وهو يمين ما وليست كل يمين موجبة للكفارة فلا يلزمه شيء ووجه الأول, أنه كناية عن اليمين وقد نوى بها اليمين فتكون يمينا كالصريح. وإذا حلف على ترك شيء, أو حرمه لم يصر محرما وقال أبو حنيفة: يصير محرما لقول الله تعالى:
|